غموض يخيم على بدائل نتنياهو بعد انسحاب إسرائيل من محادثات غزة

تحليل شامل لأسباب انسحاب نتنياهو من الحياة السياسية، وقراءة في مستقبل إسرائيل السياسي وسط غموض حول الشخصيات التي قد تخلفه.

غروب نتنياهو: مستقبل مجهول وبدائل غامضة في إسرائيل

أحدث الإعلان المفاجئ بانسحاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الحياة السياسية زلزالًا في المشهد الإسرائيلي، إذ لم يكن الأمر مجرد نهاية عهد سياسي طويل، بل بداية مرحلة ضبابية لم تتضح ملامحها بعد. وفي ظل غياب شخصية كاريزمية مثله، تبدو إسرائيل مقبلة على أزمة قيادة غير مسبوقة، خاصة مع تصاعد التوترات الداخلية والانقسامات الحزبية.

نتنياهو: عقود من السيطرة والإثارة

يُعد بنيامين نتنياهو من أكثر الشخصيات السياسية تأثيرًا في تاريخ إسرائيل، فقد تقلّد منصب رئيس الوزراء لأكثر من 15 عامًا، وهو الرقم الذي لم يسبقه إليه أي زعيم إسرائيلي. خلال فترة حكمه، خاض العديد من الحروب، وأبرم اتفاقيات تطبيع، وقاد مشهدًا اقتصاديًا وتقنيًا متقدمًا، رغم ما يرافق ذلك من قضايا فساد ومحاكمات أثارت الجدل.

ومع تنامي الضغوط القضائية، وموجات الاحتجاج على إصلاحاته القضائية التي اعتبرها البعض محاولة للهرب من العدالة، بدا أن نتنياهو يواجه لحظة الحقيقة. وعليه، فإن إعلانه الانسحاب لم يكن مفاجئًا كليًا، لكنه كان حاسمًا في تأكيد نهاية حقبة وبداية أخرى مجهولة.

الفراغ السياسي: أزمة قيادة أم فرصة للتجديد؟

يغادر نتنياهو المشهد في وقت تعاني فيه إسرائيل من استقطاب سياسي داخلي، واحتجاجات واسعة على سياسات الحكومة الحالية، وتهديدات أمنية متصاعدة سواء من قطاع غزة أو الجبهة الشمالية. في ظل هذه الظروف، يُطرح السؤال الحتمي: من هو البديل؟

1. ياريف ليفين – الوزير الوفي للنهج القضائي

يُنظر إلى وزير العدل ياريف ليفين كأحد الأسماء المحتملة لخلافة نتنياهو داخل حزب الليكود. ليفين لعب دورًا مركزيًا في تمرير قانون الإصلاح القضائي، ما أكسبه شعبية لدى القاعدة اليمينية، لكن في المقابل جعله هدفًا للمعارضة الواسعة.

2. نير بركات – رجل الاقتصاد والبزنس

نير بركات، رئيس بلدية القدس السابق وأحد أثرياء الحزب، يطرح نفسه كبديل عصري يقدم مزيجًا من السياسات الليبرالية واليمينية، ويراهن على ورقته الاقتصادية وخبراته الإدارية. غير أنه يفتقر إلى الشعبية الكاريزمية التي تمتع بها نتنياهو.

3. إيتمار بن غفير – صوت اليمين المتطرف

رغم أن بن غفير ليس من داخل حزب الليكود، إلا أن حضوره الإعلامي وتأثيره على الشارع اليميني المتطرف يجعله من الشخصيات التي يجب أخذها بعين الاعتبار في المعادلة القادمة، خصوصًا في حال تشكل تحالف جديد من خارج الإطار التقليدي.

تحديات البديل المقبل

  • إعادة تشكيل التحالفات السياسية داخل الكنيست في غياب الشخصية المهيمنة.
  • الحفاظ على التوازن الأمني والعسكري وسط التهديدات المتزايدة.
  • الرد على ضغوط الداخل: الحراك الشعبي، واستقلالية القضاء، وأزمات المعيشة.
  • العلاقات الخارجية، خصوصًا مع الولايات المتحدة ودول المنطقة العربية بعد موجة التطبيع.

كيف يقرأ الفلسطينيون والشارع العربي المشهد؟

رغم العداء التقليدي لنتنياهو في الشارع الفلسطيني والعربي، إلا أن غيابه يثير تساؤلات، فهل البديل سيكون أقل تطرفًا؟ أم أن إسرائيل تتجه لمزيد من التشدد القومي والديني؟ فهناك قلق حقيقي من أن يملأ فراغ نتنياهو أصوات أكثر تطرفًا مما يزيد من تعقيد مسار التهدئة أو التسوية.

دور الإعلام الإسرائيلي في صناعة البديل

يُتوقع أن يلعب الإعلام الإسرائيلي دورًا جوهريًا في صقل صورة الزعيم المقبل، سواء عبر تمرير رسائل مباشرة أو تهيئة الرأي العام لمقبولية اسم معين. وقد لاحظ المتابعون بالفعل تسليط الضوء على شخصيات بعينها خلال الأشهر الماضية في وسائل الإعلام العبرية.

الليكود بدون نتنياهو: هل ينهار أم يتجدد؟

حزب الليكود مرتبط بشخصية نتنياهو إلى حد يصعب فيه الفصل بين الاثنين، لكن غيابه قد يفتح المجال لتيارات داخل الحزب تطالب بالتجديد والابتعاد عن السياسات الفردية. التحدي الآن هو قدرة الحزب على البقاء متماسكًا في مرحلة ما بعد الزعيم التاريخي.

خاتمة: مستقبل غير واضح المعالم

لا شك أن انسحاب بنيامين نتنياهو من الحياة السياسية يمثل لحظة فارقة في تاريخ إسرائيل، لكنها لحظة محفوفة بالغموض والقلق، إذ لم يظهر حتى الآن بديل يحظى بالإجماع أو يتمتع بخبرة سياسية موازية. ووسط هذه الضبابية، تبقى إسرائيل أمام مفترق طرق: إما إعادة إنتاج الأزمة، أو فتح الباب لمرحلة سياسية أكثر توازنًا وعقلانية. لكنّ الأيام القادمة فقط ستكشف إن كانت نهاية نتنياهو هي نهاية حقبة أم بداية فوضى.

Post a Comment