نداء عاجل من رياض منصور لوقف الإبادة الجماعية في غزة فورًا

دعا رياض منصور، المندوب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن إلى تحرك عاجل وفوري لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة

رياض منصور يدعو مجلس الأمن إلى تحرك فوري لوقف الإبادة الجماعية في غزة

دعا المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ خطوات عاجلة وملموسة لوقف ما وصفه بـ"حرب الإبادة الجماعية" التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي كلمته خلال جلسة طارئة للمجلس، شدد منصور على أن الاكتفاء بالتعبير عن الشعور بالذنب أو العار لم يعد مجدياً، قائلاً: "المطلوب الآن تحرك حقيقي يضع حداً للمأساة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع". وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لفرض سيطرة كاملة على غزة لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

خطط الاحتلال الإسرائيلي

وأوضح منصور أن خطط الاحتلال، التي أقرها المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي مؤخراً، تبدأ بتهجير سكان مدينة غزة البالغ عددهم نحو مليون شخص نحو الجنوب، ثم محاصرة المدينة واقتحام أحيائها، قبل الانتقال إلى احتلال مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، والتي تعرضت لدمار واسع جراء القصف المستمر.

وأشار إلى أن هذه الخطط ليست مجرد إجراءات عسكرية مؤقتة، بل جزء من مشروع سياسي طويل الأمد يهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي في غزة، وإفراغها من سكانها الأصليين، على نحو يتعارض مع القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة.

الدعم الأمريكي والمجتمع الدولي

أكد المندوب الفلسطيني أن هذه الممارسات تتم بدعم سياسي وعسكري أمريكي، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تكترث بقرارات المجتمع الدولي، وأن السبيل الوحيد لردعها هو تفعيل صلاحيات مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح فرض العقوبات أو استخدام القوة لتنفيذ قراراته.

وتطرق منصور إلى محاولات سابقة لمجلس الأمن لتمرير قرارات لوقف الحرب، لكنها فشلت بسبب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، الأمر الذي جعل الشعب الفلسطيني يفقد الثقة بقدرة المجلس على التحرك الفعّال ما لم يتم تجاوز هذه العرقلة.

الخطة الدولية المقترحة

عرض منصور خطة دولية تم تبنيها في مؤتمر رفيع المستوى بشأن فلسطين، برعاية سعودية وفرنسية، تقضي بوقف إطلاق النار، وإنهاء سياسة التجويع، والإفراج عن الأسرى من الجانبين، وزيادة المساعدات الإنسانية، يلي ذلك انسحاب كامل للاحتلال من غزة، وتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من إدارة شؤون القطاع بدعم دولي وإقليمي، في إطار مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

وأوضح أن هذه الخطة تمثل فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح وفتح الطريق نحو حل سياسي عادل، مشيراً إلى أن تطبيقها يتطلب إرادة سياسية من الأطراف المؤثرة، وضغطاً دولياً مكثفاً على إسرائيل لوقف عدوانها.

تحذيرات من إطالة أمد الحرب

حذّر منصور من أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، تعمل على إطالة أمد الحرب وتعزيز سيطرتها العسكرية على القطاع، بهدف القضاء على أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لافتاً إلى أن ذلك يهدد فرص السلام العادل والدائم في المنطقة.

وأشار إلى أن استمرار الحرب بهذا الشكل سيؤدي إلى مزيد من المآسي الإنسانية، وسيعزز مناخ الكراهية واليأس، ما يجعل أي جهود مستقبلية للتفاوض أكثر صعوبة.

الأوضاع الإنسانية الكارثية

تأتي هذه الدعوات في ظل استمرار العدوان الذي خلف حتى الآن أكثر من 61 ألف شهيد، وأكثر من 153 ألف جريح، إضافة إلى آلاف المفقودين، ودمار واسع في البنية التحتية، وأزمة إنسانية غير مسبوقة تشمل مجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

كما يواجه سكان غزة نقصاً حاداً في المياه الصالحة للشرب، وانقطاعاً مستمراً للكهرباء، وانهياراً في النظام الصحي، حيث لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال المزيد من الجرحى بسبب النقص في الأدوية والمعدات الطبية.

الموقف القانوني الدولي

أوضح خبراء القانون الدولي أن ما يحدث في غزة يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق اتفاقية عام 1948، مؤكدين أن المجتمع الدولي ملزم بالتحرك لمنع هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها.

وأشاروا إلى أن سياسة الحصار والتجويع التي تمارسها إسرائيل تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، وأن استخدامها كأداة حرب محظور بموجب اتفاقيات جنيف.

ردود الفعل الدولية

شهدت عدة عواصم حول العالم مظاهرات حاشدة تطالب بوقف العدوان على غزة، وفرض عقوبات على إسرائيل. كما دعت منظمات حقوقية كبرى إلى إحالة ملف الجرائم في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها.

في المقابل، تواصل بعض الدول الغربية دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً، ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان.

خاتمة

رسالة رياض منصور إلى مجلس الأمن كانت واضحة: "الوقت ينفد، والشعب الفلسطيني لا يستطيع الانتظار أكثر". وبينما يستمر شلال الدم في غزة، يظل السؤال قائماً: هل سيتحرك المجتمع الدولي قبل فوات الأوان، أم ستبقى القرارات حبيسة قاعات الاجتماعات؟

المشهد في غزة اليوم يعكس مأساة إنسانية وسياسية معقدة، وحلها يتطلب شجاعة سياسية وإرادة دولية حقيقية، بعيداً عن لغة الإدانة اللفظية والبيانات الدبلوماسية التقليدية.

إرسال تعليق