تشريعات الهجرة في اليونان وبريطانيا: فشل الردع وأزمة الحدود
في 10 يوليو/تموز 2025، أعلن وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس عن تشريع جديد يمنع فعلياً منح حق اللجوء للأشخاص الذين يصلون إلى السواحل اليونانية عبر البحر الأبيض المتوسط، وبخاصة من شمال أفريقيا. وقال في مقابلة صحفية: "اليونان لن تتسامح مع الدخول غير المنضبط لآلاف المهاجرين غير النظاميين القادمين من شمال أفريقيا".
وقد وُوجه هذا التشريع بموجة انتقادات فورية من منظمات حقوق الإنسان، التي وصفته بأنه انتهاك واضح للقانون الدولي واتفاقيات الاتحاد الأوروبي المتعلقة باللاجئين. كما أعربت الهيئة العامة لنقابات المحامين اليونانيين عن قلقها، مؤكدة أن التشريع يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان.
اتفاق بريطاني فرنسي مثير للجدل
في اليوم نفسه، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اتفاق جديد مع فرنسا لمحاربة الهجرة غير النظامية، يستهدف القوارب الصغيرة والعصابات المتورطة في تهريب البشر. ووصف الاتفاق بأنه "رائد"، وقال إنه يبعث برسالة واضحة: "هذه الرحلات التي تهدد الحياة لا جدوى منها".
رغم ذلك، وُوجه الاتفاق بانتقادات واسعة، حتى من داخل بريطانيا. فقد اعتبرته منظمات كـ"أطباء بلا حدود" بأنه "محكوم عليه بالفشل"، و"خطير"، ولن يمنع الناس من محاولة العبور. كما شددت شبكة حقوق المهاجرين على أن الاتفاق لا يعالج الأسباب الجذرية للهجرة.
ردع الهجرة: سياسة فاشلة عبر التاريخ
تشير التجربة الأوروبية في السنوات العشر الماضية إلى أن سياسات ردع الهجرة فشلت مراراً وتكراراً. ففي صيف 2015، واجه الاتحاد الأوروبي أزمة هجرة غير مسبوقة، نتيجة الحرب في سوريا، وظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وعدم الاستقرار في أفغانستان. آلاف الأشخاص سعوا حينها للأمان داخل أوروبا، وبدأت معه "أزمة اللاجئين".
ومع مرور الوقت، لم يكن لدى الاتحاد الأوروبي استراتيجية فعالة. بل استخدمت الحكومات الأوروبية سردية "الأزمة" لتبرير القمع وتقييد الحدود. وفي اليونان، تُقدم الهجرة كعقبة أمام النمو الاقتصادي، بينما في المملكة المتحدة تُستخدم لإثارة المشاعر الشعبوية.
| الدولة | الإجراء الجديد | رد الفعل |
|---|---|---|
| اليونان | رفض تلقائي لطلبات اللجوء من القادمين عبر البحر | رفض حقوقي واسع |
| بريطانيا | اتفاق أمني مع فرنسا ضد القوارب | انتقادات منظمات حقوقية وطبية |
الحدود كمسرح سياسي
تقدم الحدود الأوروبية اليوم باعتبارها خطاً دفاعياً، لا منطقة عبور إنسانية. يتم تصوير اللاجئ والمهاجر كتهديد أمني، ويُختزل الإنسان في هويته كمهاجر "شرعي" أو "غير شرعي". وهكذا، يتشكل خطاب "نحن ضد هم"، وتُفقد التجربة الإنسانية الفردية معناها.
أما من يُعتبر "لاجئاً حقيقياً"، فيُسمح له بالدخول. أما الآخرون، فيُجردون من إنسانيتهم. وهكذا، تُنتج أزمة مصطنعة باسم "أمن الحدود"، بينما الحقيقة هي فشل أوروبا في التعامل مع الإنسان كإنسان.
خلاصة
تشريعات الهجرة الجديدة في اليونان وبريطانيا ليست فقط سياسات غير فعالة، بل هي أدوات سياسية تهدف إلى إرضاء الداخل، وتعزيز خطاب الكراهية، وتبرير القمع. فبدلاً من إيجاد حلول مستدامة، يتم تبني سياسات عنصرية تكرّس الانقسام وتغذي الخوف.