هل تندلع الحرب الكبرى في مضيق تايوان؟ تحالفات غامضة وأدوار مترددة
مع تصاعد التوترات بين الصين وتايوان، وتحذيرات الولايات المتحدة من مغبة أي عمل عسكري صيني في مضيق تايوان، يعود الحديث مجددًا عن شكل التحالفات العسكرية والجهات التي يمكن أن تتورط في صراع مفتوح بين العملاقين: واشنطن وبكين. في هذا السياق، تبرز تساؤلات محورية: من سيقف مع الصين في حال اندلاع الحرب؟ وهل يمكن الاعتماد على دعم روسي أو كوري شمالي؟ وماذا عن باكستان الحليف "الصلب" للصين؟ وهل ستتدخل أستراليا أو اليابان في حال اندلاع المواجهة؟
ضغط أميركي متصاعد على الحلفاء
في تحرك لافت، كشف وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات إلبريدج كولبي عن محادثات أجراها مؤخرًا مع مسؤولي الدفاع في اليابان وأستراليا، حثّهم خلالها على توضيح موقفهم في حال اندلاع حرب في مضيق تايوان. وأشار كولبي إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة تعتمد سياسة "أميركا أولًا" من منظور الردع، متوقعة أن يتحمل الحلفاء مسؤوليات أكبر، سواء على مستوى الإنفاق العسكري أو المشاركة في التحركات الأمنية.
التحالفات الصينية: صداقة أم التزام عسكري؟
بالمقابل، يقلل مراقبون صينيون من احتمالية نشوء تحالف عسكري فعّال يدعم بكين. فعلى الرغم من علاقاتها الوثيقة مع كوريا الشمالية، ووجود معاهدة دفاع مشترك تاريخية تعود لعام 1961، فإن واقع العلاقات الثنائية يشهد تقلبات عديدة بسبب البرامج النووية لبيونغ يانغ، ومخاوف بكين من ردود الفعل الدولية. كما أن باكستان، التي يُنظر إليها كـ"أخ حديدي" للصين، تعتمد في جانب كبير من اقتصادها على المعونات الأميركية، ما يجعل تدخلها العسكري إلى جانب بكين شبه مستبعد.
روسيا: بين الحذر والتقارب الاستراتيجي
تعتبر روسيا الشريك الاستراتيجي الأبرز للصين في السنوات الأخيرة، لكن العلاقات رغم قوتها لا ترتقي بعد إلى مستوى التحالف العسكري الملزم. فالكرملين، الذي يخوض حربًا مريرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022، لم يتلقَ دعمًا عسكريًا صينيًا علنيًا، بل اقتصرت المساعدة على التعاون الاقتصادي والدبلوماسي. من هنا، يرى خبراء أن موسكو لن تندفع نحو مواجهة مباشرة مع واشنطن من أجل تايوان.
رؤية صينية: لا نعتمد على أحد
في تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال الباحث الصيني لين وي إن بكين "لا تعوّل على أحد" في ملف تايوان. وأضاف: "الصين حددت خطوطها الحمراء بوضوح، وأعلنت أن أي إعلان انفصالي من جانب تايوان سيُعد إعلان حرب. لكن بكين لا تُجبر أحدًا على الانضمام إلى صراعها، لأن لديها ما يكفي من القدرات لفرض معادلتها".
تايوان: احتقان داخلي ومخاوف وجودية
يعيش الداخل التايواني انقسامًا سياسيًا واضحًا بين الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، الداعم للاستقلال، وحزب الكومينتانغ المعارض، الذي يدعو للحوار مع الصين. وقد فشلت مؤخرًا حملة سحب الثقة من نواب المعارضة الموالين لبكين، ما يشير إلى اهتزاز قبضة الحزب الحاكم. في هذه الأثناء، صعد الجيش الصيني مناوراته العسكرية حول الجزيرة، مؤكدًا أن الانفصال سيكون له ثمن باهظ.
كوريا الشمالية: حليف مزاجي
بحسب الباحث في شؤون كوريا فيكتور وانغ من جامعة تايبيه، فإن علاقة بيونغ يانغ وبكين تمر بتوترات غير معلنة، خصوصًا في ظل خلافات حول الملف النووي. وأوضح وانغ: "رغم الصداقة التاريخية، فإن الصين تحجم عن دعم مغامرات كيم جونغ أون العسكرية، وأصرت على عدم إرسال قوات كورية للقتال إلى جانب روسيا، فكيف تفعل ذلك مع الصين؟".
التدخل الأميركي: تصريحات مقلقة
في تسجيل مسرّب بثته شبكة سي إن إن، صرح دونالد ترامب بأنه قال للرئيس الصيني: "إذا هاجمت تايوان، سنقصف بكين". هذا التصريح يعكس تغيرًا كبيرًا في اللهجة الأميركية تجاه الصين، ويفتح الباب لاحتمالات حرب مباشرة بين أقوى جيشين في العالم.
نحو مستقبل غامض في المضيق
في ظل هذا المشهد المعقد، تبدو الحرب في مضيق تايوان احتمالًا واردًا، لكنه محفوف بالعواقب. فالصين لن تتنازل عن الجزيرة، والولايات المتحدة لن تقف متفرجة، والحلفاء في الطرفين يبدون حذرين للغاية. بين التصريحات النارية والمناورات المستمرة، يبقى السؤال: من سيشعل الشرارة الأولى؟ وهل نحن أمام حرب عالمية جديدة على تخوم آسيا؟
مصدر خاص - شبكة الرأي الحر